25 ربيع الأول استشهاد الصحابي الجليل سعيد بن جبير الاسدي رضوان الله عليه

 25 ربيع الاول 


الصحابي الجليل سعيد إبن جبير شهيد واسط


    سَعيد بن جُبَير شخصية لامعه في المائة الأولى من تاريخنا 

 الإسلامي فنحن إذا ما عددنا القراء فهو من أوائلهم وإذا جرى ذكر المفسرين جاء في الرعيل الأول منهم وإذا ذكر أصحاب الإمام 

السجاد علي بن الحسين (ع) كان ابن جبير من أعلامهم.


    وهذه نبذه مختصرة عن حياة هذا الصحابي الجليل.


    هو أبو عبد الله وقيل أبو محمد سعيد بن جبير بن هشام الاسدي بالولاء مولى بني والبه بن الحارث احد أعلام التابعين , تتلمذ على يد ابن عباس وقد اخذ منه الفقه والتفسير والحديث

    ومن مكارم أخلاقه قال : لئن اضرب على رأسي اسواطاً أحب إلي من أن أتكلم والإمام يخطب يوم ألجمعه , وكان لا يدع احد يغتاب 

عنده ويقول إذا أردت ذلك ففي وجهه , وقيل انه أبصر 

درّة فلم يأخذها.

    أستشهد ابن جبير على يد الحجاج بن يوسف ولما قتله سال 

منه دم كثير وسأل الحجاج الأطباء عمن كان يقتلهم قبله كان يسيل منهم دم قليل فقالوا له : هذا قتلته ونفسه معه , 

أما من كنت تقتلهم قبله فكانت نفسهم تذهب من شدة الخوف 

لذلك قل دمهم , ونَفهم من ذلك إنالصحابي ابن جبير 

لن يشعر بالخوف من قتل الحجاج له.

    وقال الراوي لما أمر الحجاج بقتله أستقبل سعيد ألقبله وقال : (وَجّهْتُ وَجّهِي لِلّذِي فَطَرَ السَّماَواتِ والأرْض حَنِيفاً ومَا 

أنَا مِنَ المُشْرِكينَ ):سورة الأنعام \79 , 

فقال الحجاج افتلوه من القبلة , فقال سعيد : 

(فأَيْنَمَا تُوَلَّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إنَّ اللهَ واسِعٌ عَلِيمٌ ) :

سورة البقرة \115 , فقال الحجاج اضربوا به الأرض

 واقلبوه على وجهه , فقال سعيد : 

(مِنْها خَلَقْنَاكُمْ وفِيهَا نُعِيدُكُمْ ومِنْها نُخْرِجُكُمْ تَارَة أُخْرَى ) :

سورة طه \55 .

    وقالوا لم يزل الحجاج فزعاً مرعوباً بعد قتله سعيداً 

حتى منع النوم وجعل يقول : مالي ولك ياسعيد بن جبير , 

وكان في جملة مرضه(الحجاج) كلما نام رأى أبن جبير آخذاً 

بمجامع ثوبه يقول : ياعدو الله فيم قتلتني ؟ 

فيستيقظ مذعوراً ويقول : مالي ولأبن جبير.


    وقيل إن رأسه الشريف بعد إن قطعت عنقه هلل ثلاث مرات وهو يجهر بها , فمات سعيد ابن جبير شهيداً سنة خمس وتسعون 

هجريه قيل في شعبان وقيل في رمضان وله من العمر نحو 

خمسين سنه.

    وقبره الشريف في واسط في قضاء الحي ومقامه شاخص كأنه العلم للنظار ويزار إلى اليوم في أيام الجمع والأعياد والمناسبات 


سعيد بن جبير نسبه وقبيلته

هو سعيد بن جبير بن هشام الأسدي الوالبي مولاهم الكوفي، أبو محمد، ويقالأبو عبد الله ووالبة هو ابن الحارث بن ثعلبة، عده أصحابالسير من الطبقة الثالثة من التابعينوقد روى له البخاري - مسلم - أبو داود - الترمذي - النسائيابن ماجه.


سعيد بن جبير .. بلد المعيشة والرحلات

ذكره أبو نعيم الأصبهاني في تاريخ أصبهان فقالدخل أصبهان وأقام بها مدة، ثم ارتحل منها إلى العراق وسكن قرية سنبلان.


صحابة تعلم على أيديهم سعيد بن جبير

واتت الفرصة لسعيد بن جبير فتعلم على يد عدد من الصحابة 

ويروي عنهم، فأخذ عن حبر الأمة عبد الله بن عباس وروى 

عنه وأكثر، وكان أحد تلامذته، وسمع من عبد الله بن مغفل 

وعائشة وعدي بن حاتم وأبي موسى الأشعري 

وأبي هريرة وأبي مسعود البدري وعن ابن عمر وابن الزبير 

والضحاك بن قيس وأنس بن مالك وأبي سعيد الخدري.


من ملامح شخصية سعيد بن جبير عبادة سعيد بن جبير

مما عرف عن سعيد بن جبير أنه كان عابدًا قوامًا، فعن أصبغ 

بن زيد قال كان لسعيد بن جبير ديك كان يقوم من الليل بصياحة 

فلم يصح ليلة من الليالي حتى أصبح فلم يصل سعيد تلك الليلة 

فشق عليه فقالما له قطع الله صوته فما سمع له صوت بعد 

فقالت له أمهيا بني لا تدع على شيء بعدهاوقال القاسم بن أبي أيوب سمعت سعيدًا يردد هذه الآية في الصلاة بضعا وعشرين مرة "واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله". ويقول هلال بن خباب

خرجت مع سعيد بن جبير في رجب فأحرم من الكوفة بعمرة ثم 

رجع من عمرته، ثم أحرم بالحج في النصف من ذي القعدة 

وكان يحرم في كل سنة مرتين مرة للحج ومرة للعمرة.


حب سعيد بن جبير للقرآن

كان لسعيد شأن وحال مع القرآن فروي أنه كان يختم القرآن في كل ليلتينوكان سعيد بن جبير يجيء فيما بين المغرب والعشاء 

فيقرأ القرآن في رمضان، وعن الصعب بن عثمان قالقال سعيد بن جبيرما مضت علي ليلتان منذ قتل الحسين إلا أقرأ فيها القرآن إلا مريضًا أومسافرًا.


خوف وورع سعيد بن جبير

مما أثر عن سعيد بن جبير خوفه وخشيته وكان ذكر الموت لا يفارقه فيقوللو فارق ذكر الموت قلبي لخشيت أن يفسد علي قلبي

وعنه قالإنما الدنيا جمع من جمع الآخرة.


سعيد بن جبير وتمنيه للشهادة

ولما علم من فضل الشهادة تمناها وثبت للقتل ولم يكترث 

ولا عامل عدوه بالتقية المباحة له رحمه الله تعالى، فعن داود 

بن أبي هند قاللما أًخذ الحجاج سعيد بن جبير قالما أراني إلا مقتولاً وسأخبركمإني كنت أنا وصاحبان لي دعونا حين وجدنا 

حلاوة الدعاء ثم سألنا الله الشهادة فكلا صاحبي رزقها وأنا أنتظرها قالفكأنه رأى أن الإجابة عند حلاوة الدعاء.


علم سعيد بن جبير

كان سعيد بن جبير وعاء من أوعية العلم فعن خصيف قال

كان أعلمهم بالقرآن مجاهد وأعلمهم بالحج عطاء وأعلمهم بالحلال والحرامطاووس وأعلمهم بالطلاق سعيد بن المسيب وأجمعهم لهذه العلوم سعيد بن جبيرويقول ميمون بن مهرانلقد مات سعيد 

بن جبير وما على ظهر الأرض رجل إلا يحتاج إلى سعيد.


وكان ابن عباس إذا أتاه أهل الكوفة يستفتونه يقولأليس 

فيكم ابن أم الدهماء يعني سعيد بن جبير.


وعن سعيد بن جبير قالجاء رجل إلى ابن عمر فسأله عن فريضة فقالائت سعيد بن جبير فإنه أعلم بالحساب مني وهو يفرض منها ماأفرض.


أثر الصحابة في سعيد بن جبير

لقد كان للصحابة أثر كبير في تعليم سعيد بن جبير فهم الذين 

أرشدوه إلى الخير وأمروه بأن يُحدث وهم حاضرون كما فعل 

معه ابن عباس فعن مجاهد قالقال ابن عباس لسعيد بن جبير

حدث فقالأحدث وأنت ها هنا قالأوليس من نعمة الله عليك 

أن تحدث وأنا شاهد فإن أصبت فذاك وإن أخطأت علمتك

وعن سعيد بن جبير قالرآني أبو مسعود البدري في يوم عيد ولي ذؤابة فقاليا غلام أو يا غليم، إنه لاصلاة في مثل هذا اليوم 

قبل صلاة الإمام فصل بعدها ركعتين وأطل القراءة.


أثر سعيد بن جبير في الآخرين

ما كانت تأتي فرصة للدعوة أو للنصح أمام سعيد بن جبير إلا

 اغتنمها، فكان يراسل إخوانه وفي ذلك يقول عمرو بن ذركتب 

سعيد بن جبيرإلى أبي كتابًا أوصاه بتقوى الله وقالإن بقاء 

المسلم كل يوم غنيمة فذكر الفرائض والصلوات وما 

يرزقه الله من ذكره.


وعن هلال بن خباب أنه قالخرجنا مع سعيد بن جبير في 

جنازة فكان يحدثنا في الطريق ويذكرنا حتى بلغ، فلما جلس لم يزل يحدثنا حتىقمنا فرجعنا وكان كثير الذكر للهوكان يقولوددت 

الناس أخذوا ما عندي فإنه مما يهمنيوكان لا يدع أحدًا يغتاب 

عنده أحدًا إلا يقول إن أردت ذلك ففي وجهه.


من كلمات سعيد بن جبير

قال سعيد بن جبيرالتوكل على الله جماع الإيمان.


وقالإن الخشية أن تخشى الله حتى تحول خشيتك بينك وبين معصيتك فلتلك الخشية، والذكر طاعة الله فمن أطاع الله فقد ذكره 

ومن لميطعه فليس بذاكر وإن أكثر التسبيح وتلاوة القرآن.


وقالأظهر اليأس مما في أيدي الناس فإنه عناء، وإياك وما 

يعتذر منه فإنه لا يعتذر من خير.


وفاة سعييد بن جبير

يروي عون بن أبي شداد ما وقع بين سعيد والحجاج فيقولبلغني 

أن الحجاج لما ذكر له سعيد بن جبير أرسل إليه قائدًا يسمى 

المتلمس بنأحوص في عشرين من أهل الشام، فبينما هم يطلبونه

 إذا هم براهب في صومعته فسألوه عنه فقالصفوه لي فوصفوه 

فدلهم عليه فانطلقوا فوجدوه ساجدًا يناجي بأعلى صوته فدنوا 

وسلموا، فرفع رأسه فأتم بقية صلاته ثم رد عليهم السلام فقالواإنا رسل الحجاج إليك فأجبه،قالولا بد من الإجابة، قالوالابد فحمد الله وأثنى عليه وقام معهم حتى انتهى إلى دير الراهب فقال الراهبيا معشر الفرسان، أصبتم صاحبكم قالوانعم فقالاصعدوا فإن

 اللبوة والأسد يأويان حول الدير ففعلوا، وأبى سعيد أن يدخل فقالواما نراك إلا وأنت تريد الهرب مناقاللا ولكن لا أدخل منزل مشرك 

أبدًا قالوافإنا لا ندعك فإن السباع تقتلك قاللا ضير إن معي 

ربي يصرفها عني ويجعلها حرسًاتحرسني قالوافأنت من الأنبياء؟ قالما أنا من الأنبياء، ولكن عبد من عبيد الله مذنب قال الراهبفليعطني ما أثق به على طمأنينة فعرضواعلى سعيد أن يعطي 

الراهب ما يريد قالإني أعطي العظيم الذي لا شريك له لا أبرح مكاني حتى أصبح إن شاء الله، فرضي الراهب بذلكفقال لهم

اصعدوا وأوتروا القسي لتنفروا السباع عن هذا العبد الصالح 

فإنه كره الدخول في الصومعة لمكانكم، فلما صعدوا وأوتروا 

القسي إذا هم بلبوة قد أقبلت فلما دنت من سعيد تحككت به 

وتمسحت به، ثم ربضت قريبا منه وأقبل الأسد يصنع كذلك فلما رأى الراهب ذلكوأصبحوا نزل إليه فسأله عن شرائع دينه وسنن رسوله 

ففسر له سعيد ذلك كله فأسلم، وأقبل القوم على سعيد يعتذرون إليه ويقبلون يديهورجليه، ويأخذون التراب الذي وطئه فيقولونيا سعيد حلفنا الحجاج بالطلاق والعتاق إن نحن رأيناك لا ندعك حتى 

نشخصك إليه، فمرنا بماشئت قالامضوا لأمركم فإني لائذ 

بخالقي ولا راد لقضائه فساروا حتى بلغو واسطًا فقال سعيدقد تحرمت بكم وصحبتكم ولست أشك أنأجلي قد حضر فدعوني الليلة آخذ أهبة الموت واستعد لمنكر ونكير، وأذكر عذاب القبر، فإذا 

أصبحتم فالميعاد بيننا المكان الذي تريدون فقالبعضهم لا تريدون أثرًا بعد عين وقال بعضهمقد بلغتم أمنكم واستوجبتم جوائز 

الأمير فلا تعجزوا عنه وقال بعضهميعطيكم ما أعطىالراهب،

 ويلكم أما لكم عبرة بالأسد ونظروا إلى سعيد قد دمعت عيناه، 

وشعث رأسه، واغبر لونه، ولم يأكل ولم يشرب ولم يضحك منذ يوم لقوهوصحبوه، فقالوايا خير أهل الأرض، ليتنا لم نعرفك ولم نسرح إليك، الويل لنا ويلاً طويلاً، كيف ابتلينا بك؟ اعذرنا عند خالقنا يوم الحشرالأكبر، فإنه القاضي الأكبر، والعادل الذي لا يجور، قالما أعذرني لكم، وأرضاني لما سبق من علم الله في، فلما فرغوا من 

البكاء والمجاوبةقالكفيله أسألك بالله لما زودتنا من دعائك وكلامك 

فإنا لن نلقى مثلك أبدًا ففعل ذلك، فخلوا سبيله فغسل رأسه ومدرعته وكساءه وهم محتفونالليل كله، ينادون بالويل واللهف، فلما انشق 

عمود الصبح جاءهم سعيد فقرع الباب، فنزلوا وبكوا معه وذهبوا 

به إلى الحجاج وآخر معهفدخلا فقال الحجاجأتيتموني بسعيد 

بن جبير قالوانعم وعاينا منا العجب، فصرف بوجهه عنهم فقالأدخلوه علي فخرج المتلمس فقاللسعيد أستودعك الله وأقرأ

 عليك السلام فأدخل عليه:


فقالما اسمك؟


قالسعيد بن جبير؟


قالأنت شقي بن كسير.


قالبل أمي كانت أعلم باسمي 

منك قالشقيت أنت وشقيت أمك.


قالالغيب يعلمه غيرك.


قاللأبدلنك بالدنيا نار تلظى.


قاللو علمت أن ذلك بيدك لاتخذتك إلهًا.


قالفما قولك في محمد .


قالنبي الرحمة إمام الهدى.


قالفما قولك في علي في الجنة هو أم في النار؟


قاللو دخلتها فرأيت أهلها عرفت.


قالفما قولك في الخلفاء؟


قاللست عليهم بوكيل.


قالفأيهم أعجب إليك؟


قالأرضاهم لخالقي.


قالفأيهم أرضى للخالق.


قالعلم ذلك عنده.


قالأبيت أن تصدقني.


قالإني لم أحب أن أكذبك.


قالفما بالك لم تضحك.


قالوكيف يضحك مخلوق خلق من الطين والطين تأكله النار؟


قالفما بالنا نضحك؟


قاللم تستو القلوب.


قالثم أمر الحجاج باللؤلؤ والياقوت والزبرجد وجمعه 

بين يدي سعيد.


فقالإن كنت جمعته لتفتدي به من فزع يوم القيامة فصالح، 

وإلا ففزعة واحدة تذهل كل مرضعة عما أرضعت، 

ولا خير في شيء جُمع للدنيا إلا ما طاب وزكا.


ثم دعا الحجاج بالعود والناي فلما ضرب بالعود 

ونفخ في الناي بكى.


فقالالحجاج ما يبكيك هو اللهو؟


قالبل هو الحزن أما النفخ فذكرني يوم نفخ الصور، 

وأما العود فشجرة قطعت من غير حق، وأما الأوتار فأمعاء 

شاة يبعث بها معك يوم القيامة.


فقالالحجاج ويلك يا سعيد.


قالالويل لمن زحزح عن الجنة وأدخل النار.


قالاختر أي قتلة تريد أن أقتلك؟


قالاختر لنفسك يا حجاج فوالله ما تقتلني قتله إلا قتلتك 

قتلة في الآخرة؟


قالفتريد أن أعفوا عنك؟


قالإن كان العفو فمن الله، وأما أنت فلا براءة لك ولا عذر؟


قالاذهبوا به فاقتلوه.


فلما خرج من الباب ضحك فأخبر الحجاج بذلك فأمر برده.


فقالما أضحكك؟


قالعجبت من جرأتك على الله، وحلمه عنك فأمر بالنطع 

فبسط فقالاقتلوه.


فقال: "وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض".


قالشدوا به لغير القبلة.


قال:" فأينما تولوا فثم وجه الله".


قال: "منها خلقناكم وفيها نعيدكم".


قالاذبحوه.


قالإني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله، خذها مني حتى تلقاني يوم القيامة، ثم دعا الله سعيد وقالاللهم لا تسلطه على أحد يقتله بعدي فذبح على (النطع).

 (النَّطِعُ، والنَّطَعُ ): بِسَاطٌ من الجلد، كثيراً ما كان يُقتَلُ فوقَه المحكومُ عليه بالقتل.


وفاة سعيد بن جبير

كان قتل سعيد بن جبير سنة أربع وتسعين وكان يومئذ 

ابن تسع وأربعين سنة 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الامام الحسين

دعاء العافية / لبنان / بيروت / الضاحية الجنوبية / البقاع / الدعاء القرض الحسن

 دعاء العافية  تيك توك الدعاء للعافية https://vt.tiktok.com/ZSjJwsQ3T/