المقصد الرابع غسل النفاس
فصل
حدث النفاس وأقسام النفساء
مسألة 253: دم النفاس هو دم يقذفه الرحم بالولادة معها أو بعدها، على نحو يستند خروج الدم إليها عرفاً، وتسمّى المرأة في هذا الحال بالنفساء، ولا نفاس لمن لم ترَ الدم من الولادة أصلاً أو رأته بعد فصل طويل بحيث لا يستند إليها عرفاً كما إذا رأته بعد عشرة أيّام منها، ولا حدّ لقليل النفاس فيمكن أن يكون بمقدار لحظة فقط، وحدّ كثيره عشرة أيّام، وإن كان الأحوط الأولى فيما زاد عليها إلى ثمانية عشر يوماً مراعاة تروك النفساء مضافاً إلى أعمال المستحاضة، ويلاحظ في مبدأ الحساب أُمور :
1. إنّ مبدأه اليوم، فإنْ ولدت في الليل ورأت الدم كان من النفاس ولكنّه خارج عن العشرة.
2. إنّ مبدأه خروج الدم لا نفس الولادة، فإنْ تأخّر خروجه عنها كانت العبرة في الحساب بالخروج.
3. إنّ مبدأه الدم الخارج بعد الولادة، وإن كان الخارج حينها نفاساً أيضاً.
ثُمَّ إنّ الأحوط وجوباً في النقاء المتخلّل بين نفاس واحد الجمع بين أحكام الطاهرة والنفساء، وكذا في النقاء المتوسّط بين ولادتين مع تداخل عشرتهما، كما إذا ولدت في أوّل الشهر ورأت الدم إلى تمام اليوم الثالث ثُمَّ ولدت في اليوم الخامس ورأت الدم أيضاً، نعم النقاء المتخلّل بين ولادتين مع عدم تداخل عشرتهما طهر ولو كانت لحظة واحدة، فإنّه لا يعتبر فصل أقلّ الطهر بين النفاسين، بل لا يعتبر الفصل بينهما أصلاً كما إذا ولدت ورأت الدم إلى عشرة ثُمَّ ولدت آخر على رأس العشرة ورأت الدم إلى عشرة أُخرى، فالدمان جميعاً نفاسان متواليان.
مسألة 254: الدم الذي تراه الحبلى قبل ظهور الولد ليس من النفاس كما مرّ، فإنْ رأته في حال المخاض وعلمت أنّه منه كان بحكم دم الجروح وإن كان الأحوط استحباباً أن ترتّب عليه أحكام دم الاستحاضة، وإنْ رأته قبل حالة المخاض أو فيها ولم تعلم استناده إليه - سواء أكان متّصلاً بدم النفاس أم منفصلاً عنه بعشرة أيّام أو أقلّ - فإن لم يكن بشرائط الحيض فهو استحاضة، وإن كان بشرائطه فهو حيــض، لما مرّ من أنّ الحيــض يجتمع مع الحمــل ولا يعتبر فصــل أقلّ الطهر بين الحيـض المتقدّم والنفاس، نعم يعتبر الفصل به بين النفاس والحيض المتأخّر عنه، كمـا سيأتي.
مسألة 255: النفساء إذا رأت الدم واحداً فهي على أقسام:
1. التي لا يتجاوز دمها العشرة، فجميع الدم في هذه الصورة نفاس.
2. التي يتجاوز دمها العشرة، وتكون ذات عادة عدديّة في الحيض، وعلمت مقدار عادتها أو نسيتها - فإنّ الناسية تجعل أكبر عدد محتمل عادة لها في المقام - ففي هذه الصورة يكون نفاسها بمقدار عادتها والباقي استحاضة.
3. التي يتجاوز دمها العشرة ولا تكون ذات عادة عدديّة في الحيض - أي المبتدئة والمضطربة - ففي هذه الصورة يكون نفاسها عشرة أيّام، ولا ترجع إلى عادة أقاربها في الحيض أو النفاس ولا إلى عادة نفسها في النفاس.
مسألة 256: النفساء إذا رأت في عشرة الولادة أزيد من دم واحد، كأن رأت دمين أو ثلاثة أو أربعة وهكذا - سواء كان النقاء المتخلّل كالمستوعب لقصر زمن الدمين أو الدماء أم لم يكن كذلك - ففيها صورتان:
الأُولى: أن لا يتجاوز شيء منها العشرة، ففي هذه الصورة يكون كلّ ما تراه نفاساً، وأمّا النقاء المتخلّل فالأحوط لزوماً الجمع فيه بين أعمال الطاهرة وتروك النفساء.
الثانية: أن يتجاوز الأخير منها اليوم العاشر وهي على قسمين:
الأوّل: أن لا تكون المرأة ذات عادة عدديّة في الحيض، وحكمها ما تقدّم في الصورة الأُولى، فما خرج عن العشرة من الدم الأخير يحكم بكونه استحاضة.
الثاني: ما إذا كانت ذات عادة عدديّة، فما تراه في مقدار أيّام عادتها نفاس، والأحوط لزوماً في الدم الخارج عن العادة إلی تمام العشرة الجمع بين تروك النفساء وأعمال المستحاضة.
مسألة 257: يعتبر فصل أقلّ الطهر - وهي عشرة أيّام - بين دم النفاس ودم الحيض الذي بعده كما كان يعتبر ذلك بين الحيضتين، فما تراه النفساء من الدم إلى عشرة أيّام بعد تمام نفاسها استحاضة مطلقاً سواء أكان الدم بصفات الحيض أم لم يكن، وسواء أكان الدم في أيّام العادة أم لم يكن، ويعبّر عن هذه العشر بعشرة الاستحاضة، فإذا رأت دماً بعدها - سواء استمرّ بها أم انقطع ثُمَّ عاد - فهو على قسمين:
الأوّل: أن تكون النفساء ذات عادة وقتيّة، وفي هذا القسم ترجع إلى عادتها ولا ترجع إلى التمييز، فإن كانت العادة في العشرة التالية لعشرة الاستحاضة كان ما تراه فيها حيضاً، وإن لم تكن فيها بل فيما بعدها انتظرت أيّام عادتها وإن اقتضى ذلك عدم الحكم بتحيّضها فيما بعد الولادة بشهر أو أزيد، وهذا كما إذا كان لها عادة وقتيّة واحدة في كلّ شهر وصادفت في الشهر الأوّل عشرة الاستحاضة.
الثاني: أن لا تكون لها عادة وقتيّة، فإن كانت ذات تمييز من جهة اختلاف لون الدم وكون بعضه بلون الحيض وبعضه بلون الاستحاضة - مع توفّر سائر الشرائط - رجعت إلى التمييز، وهو قد يقتضي الحكم بتحيّضها فيما بعد عشرة الاستحاضة بلا فصل، وقد يقتضي الحكم بعدم تحيّضها في شهر الولادة أصلاً، أو الحكم بتعدّد الحيض في شهر واحد، ففي جميع هذه الحالات ترجع مستمرّة الدم إذا كانت ذات تمييز إلى ما يقتضيه التمييز ولو في شهور متعدّدة، وأمّا إذا لم تكن ذات تمييز بأن كان الدم ذا لون واحد في عشرة الاستحاضة وما بعدها إلى شهر أو شهور عديدة فحكمها التحيّض في كلّ شهر بالاقتداء ببعض نسائها و إن لم یمکن فباختيار العدد الذي لا تطمئنّ بأنّه لا يناسبها كما تقدّم تفصيل ذلك كلّه في فصل الحيض.
فصل
أحکام النفساء
مسألة 258: النفساء بحكم الحائض في الاستظهار عند تجاوز الدم أيّام العادة، وفي لزوم الاختبار عند ظهور انقطاع الدم، وتقضي الصوم ولا تقضي الصلاة، ويحرم وطؤها، ولا يصحّ طلاقها.
والمشهور بين الفقهاء (رضوان الله تعالی عليهم) أنّ أحكام الحائض من الواجبات والمحرّمات والمستحبّات والمكروهات تثبت للنفساء أيضاً، ولكن جملة من الأفعال التي كانت محرّمة على الحائض تشكل حرمتها على النفساء وإنْ كان الأحوط لزوماً أن تجتنب عنها.
وهذه الأفعال هي:
1. قراءة الآيات التي تجب فيها السجدة.
2. الدخول في المساجد بغير اجتياز .
3. المكث في المساجد.
4. وضع شيء فيها.
5. دخول المسجد الحرام ومسجد النبيّ (صلّی الله علیه وآله) ولو على نحو الاجتياز .