السيد علي السيستاني منهاج الصالحين غسل الحيض الفصل الاول

   المقصد الثاني غسل الحيض وفيه فصول

                                   الفصل الأوّل

                        حدث الحيض

وسببه خروج دم الحيض، الذي يجتمع في الرحم وتراه المرأة في كلّ شهر مرّة في الغالب، سواء خرج من الموضع الأصليّ - للنوع أو لفرد شاذّ الخلقة من هذه الجهة - وإن كان خروجه بقطنة أو غيرها، أم خرج من الموضع العارضيّ ولكن بدفع طبيعيّ لا بمثل الإخراج بالآلة، وإذا انصبّ من الرحم إلى فضاء الفرج ولم ‏يخرج منه أصلاً لم‏ يوجب الحدث، وإذا خرج ولو بمقدار قطرة ثُمَّ انقطع يبقى الحدث ما دام باقياً في باطن الفرج.

مسألة 212: إذا افتضّت البكر فسال دم وشكّ في أنّه من دم الحيض أو من دم البكارة أو منهما، أدخلت قطنة وصبرت فترة تعلم بنفوذ الدم فيها، ثُمَّ استخرجتها برفق، فإنْ كانت مطوّقة بالدم فهو من دم البكارة، وإنْ كانت مستنقعة فهو من دم الحيض، وهذا الاختبار واجب وجوباً طريقيّاً لاستكشاف حالها، فلا يحكم بصحّة صلاتها ظاهراً، ولا يجوز لها الإتيان بها بقصد الأمر الجزميّ إلّا مع الاختبار .

مسألة 213: إذا تعذّر الاختبار المذكور تعمل وفق حالها السابق من حيض أو عدمه، وإذا جهلت الحالة السابقة فالأحوط استحباباً الجمع بين عمل الحائض والطاهرة وإن كان يجوز لها البناء على الطهارة

                            الفصل الثاني

                           من ترى الحيض

يعتبر في دم الحيض أن يكون بعد البلوغ وقبل سنّ الستّين، فكلّ دم تراه الصبيّة قبل بلوغها تسع سنين لا يكون دم حيض، وكذا ما تراه المرأة بعد بلوغها الستّين لا تكون له أحكامه،‏ والأحوط الأولى‏ في غير القرشيّة الجمع بين تروك الحائض وأفعال المستحاضة فيما بين الخمسين والستّين فيما إذا كان الدم بحيث لو رأته قبل الخمسين لحكم بكونه حيضاً كالذي تراه أيّام عادتها، وأمّا سنّ اليأس الموجب لسقوط عدّة الطلاق - بعد انقطاع الدم وعدم رجاء عوده لكبر سنّ المرأة - فحدّه الخمسون سنة.

مسألة 214: يجتمع الحيض مع الحمل قبل ظهوره وبعد ظهوره، نعم الأحوط لزوماً أن تجمع الحامل ذات العادة الوقتيّة بين تروك الحائض وأفعال المستحاضة في صورة واحدة، وهي ما إذا رأت الدم بعد مضيّ عشرين يوماً من أوّل عادتها وكان الدم بصفات الحيض، وفي غير هذه الصورة حكم الحامل وغير الحامل على حدٍّ سواء.

                                  الفصل الثالث

                                أقلّ الحيض وأكثره

أقلّ الحيض ما يستمرّ من حين خروج الدم ثلاثة أيّام ولو في باطن الفرج، ويكفي التلفيق من أبعاض اليوم، ولا يكفي وجوده في بعض كلّ يومٍ من الثلاثة ولا مع انقطاعه فيما يتوسّطها من الليالي، نعم الفترات اليسيرة المتعارفة ولو في بعض النساء لا تخلّ بالاستمرار المعتبر فيه.

وأكثر الحيض عشرة أيّام، وكذلك أقلّ الطهر بين حيضتين، وأمّا النقاء المتخلّل بين الدمين من حيض واحد فالأحوط لزوماً الجمع فيه بين أحكام الطاهرة والحائض.

وعلى ما تقدّم فكلّ دم تراه المرأة ناقصاً عن الثلاثة أو زائداً على العشرة أو قبل مضيّ عشرة من الحيض الأوّل، فليس بحيض.

                                  الفصل الرابع

                           أقسام الحائض وأحكامها

تعتبر المرأة ذات عادة بتكرّر الحيض مرّتين متواليتين من غير فصل بينهما بحيضة مخالفة، فإن اتّفقا في الزمان والعدد - كأنْ رأت في أوّل كلٍّ من الشهرين المتواليين سبعة أيّام مثلاً - فالعادة وقتيّــة وعدديّــة، وإن اتّفقــا في الزمــان خاصّــة دون العــدد - كأنْ رأت في أوّل الشهر الأوّل سبعة وفي أوّل الثاني خمسة - فالعادة وقتيّة خاصّة، وإن اتّفقا في العدد فقط - كأن رأت الخمسة في أوّل الشهر الأوّل وكذلك في آخر الشهر الثاني مثلاً - فالعادة عدديّة فقط.


مسألة 215: ذات العادة الوقتيّة - سواء أكانت عدديّة أم لا - تتحيّض بمجرّد رؤية الدم في أيّام عادتها وإن كان أصفر رقيقاً، وكذا إذا رأت الدم قبل العادة بيوم أو يومين أو أزيد ما دام يصدق عليه تعجيل الوقت والعادة بحسب عرف النساء، فتترك العبادة وتعمل عمل الحائض في جميع الأحكام، ولكن إذا انكشف أنّه ليس بحيــض - لانقطاعه قبل الثلاثة مثلاً - وجب عليها قضاء الصلاة.


مسألة 216: غير ذات العادة الوقتيّة - سواء أكانت ذات عادة عدديّة فقط أم لم‏ تكن ذات عادة أصلاً كالمبتدئة - إذا رأت الدم وكان جامعاً للصفات - مثل: الحرارة، والحمرة أو السواد، والخروج بحرقة - تتحيّض أيضاً بمجرّد الرؤية، ولكن إذا انكشف أنّه ليس بحيض لانقطاعه قبل الثلاثة وجب عليها قضاء الصلاة، وإذا كان الدم فاقداً للصفات فلا تتحيّض به إلّا من حين العلم باستمراره إلى ثلاثة أيّام - ولو كان ذلك قبل إكمال الثلاثة - وأمّا مع احتمال الاستمرار فالأحوط وجوباً الجمع بين تروك الحائض وأعمال المستحاضة.


مسألة 217: إذا تقدّم الدم على العادة الوقتيّة بأزيد ممّا يصدق عليه تعجيل الوقت بحسب عرف النساء، أو تأخّر عنها ولو قليلاً، فحكم المرأة في التحيّض به وعدمه حكم غير ذات العادة الوقتيّة المتقدّم في المسألة السابقة. 


مسألة 218: لا تثبت العادة بالتمييز، أي بكون الدم في بعض أيّامه واجداً لبعض صفات الحيض وفي بعضها الآخر واجداً لصفة الاستحاضة، فالمرأة مستمرّة الدم إذا رأت خمسة أيّام مثلاً بصفة الحيض في أوّل الشهر ثُمَّ رأت الباقي بصفة الاستحاضة وكذلك رأت في أوّل الشهر اللاحق خمسة أيّام بصفة الحيض والباقي بصفة الاستحاضة لا تعتبر ذات عادة عدديّة ووقتيّة بل تعدّ غير ذات عادة، وحكم غير ذات العادة المتعارفة الرجوع إلى الصفات مطلقاً كما سيأتي.

                                الفصل الخامس

               حكم رؤية الدم مرّتين في شهر واحد

إذا تخلّل بين دمين لا يقلّ أيّ منهما عن ثلاثة أيّام ولا يزيد على عشرة نقاءٌ أقلّ من عشرة فهنا صورتان:

الأُولى: ما إذا لم يكن مجموع الدمين والنَّقاء المتخلِّل أزيد من عشرة أيّام، ففي هذه الصورة يحكم بكون الدمين حيضاً سواء أكان أحدهما أو كلاهما واقعاً في أيّام العادة أو ما بحكمها أم لا، وأمّا النقاء المتخلِّل بينهما فالأحوط لزوماً فيه الجمع بين أحكام الحائض والطاهرة.

الثانية: ما إذا تجاوز عن العشرة، ففي هذه الصورة لا يمكن أن يُجْعل الدمان معاً من حيض واحد، كما لا يمكن جعل كلّ واحد منهما حيضاً مستقلّاً، وحينئذٍ فإن كان أحدهما في العادة دون الآخر كان ما في العادة حيضاً والآخر استحاضة مطلقاً إلّا إذا كان ما في العادة متقدّماً زماناً وكان الدم الثاني متّصفاً بصفة الحيض، فإنّ المقدار الذي لم‏ يتجاوز عن العشرة يحكم بكونه من الحيضة الأُولى.

وأمّا إذا لم ‏يصادف شيء منهما العادة - ولو لعدم كونها ذات عادة - فإن كان أحدهما واجداً للصفات دون الآخر تجعل الواجد حيضاً والفاقد استحاضة، وإن تساويا في الصفات تجعل أوّلهما حيضاً سواء أكانا معاً متّصفين بصفة الحيض أم لا، والأحوط الأولى أن تحتاط في كلٍّ من الدمين خصوصاً في الصورة الثانية.

مسألة 219: إذا تخلّل بين الدمين المفروضين أقلّ الطهر كان كلّ منهما حيضاً مستقلّاً، سواء أكان كلّ منهما أو أحدهما في العادة أم لا، وسواء أكان كلّ منهما أو أحدهما واجداً للصفات أم لا.

                            الفصل السادس

                            الاستبراء والاستظهار

إذا انقطع دم الحيض لدون العشرة عن ظاهر الفرج، فإن احتملت بقاءه في الداخل وجب عليها الاستبراء ولا يجوز لها ترك العبادة بدونه، فإن خرجت القطنة ملوّثة بقيت على التحيّض - كما سيأتي - وإن خرجت نقيّة اغتسلت وعملت عمل الطاهرة، إلّا مع اعتياد تخلّل النقاء على وجهٍ تعلم أو تطمئنّ بعود الدم قبل انتهاء العشرة من حين ابتدائه فإنّ عليها حينئذٍ أن تجمع بين أحكام الطاهرة والحائض على ما تقدّم.

وكيفيّة الاستبراء أن تدخل قطنة وتتركها في موضع الدم وتصبر أزيد من الفترة اليسيرة التي يتعارف انقطاع الدم فيها مع بقاء الحيض كما تقدّم.

وإذا تركت الاستبراء لعذر - من نسيان أو نحوه - واغتسلت، وصادف براءة الرحم صحّ غسلها، وإن تركته - لا لعذر - صحّ غسلها أيضاً إذا صادف براءة الرحم وحصل منها نيّة القربة.

وإن لم ‏تتمكّن من الاستبراء - لظلمة أو عمى مثلاً - فحكمها البقاء على التحيّض حتّى تعلم بالنقاء، وإن كان الأحوط الأولى لها أن تجمع بين أحكام الطاهرة - ومنها الاغتسال للصلاة - وأحكام الحائض إلى أن تعلم بالنقاء فتعيد الغُسل وتقضي الصوم.

مسألة 220: إذا انقطع الدم واستبرأت فخرجت القطنة ملوّثة ولو بالصفرة، فإن كانت مبتدئة، أو لم‏ تستقرّ لها عادة، أو كانت عادتها عشرة بقيت على التحيّض إلى تمام العشرة، أو يحصل لها العلم بالنقاء قبلها، وإن شكّت فيه أعادت الاستبراء، وإذا كانت ذات عادة دون العشرة فإن كان الاستبراء في أيّام العــــــادة، بقيــــت على التحيّض إلى أن تتمّها إلّا أن يحصل لها العلم بالنقاء قبله، وإن شكّت فيه أعادت الاستبراء كما تقدّم.

 وإذا كان بعد انقضاء العادة فإن علمت انقطاع الدم قبل العشرة بقيت على التحيّض إلى حين الانقطاع، وإن علمت تجاوزه عنها اغتسلت وأتت بأعمال المستحاضة، ومع التردّد بين الأمرين بأن احتملت الانقطاع في اليوم العاشر أو قبله فالأحوط الأولى أن تستظهر بيوم (والاستظهار هو الاحتياط بترك العبادة) ثُمَّ تغتسل من الحيض وتعمل عمل المستحاضة، ولها أن تستظهر أزيد من يوم إلى تمام العشرة ما لم ‏يظهر لها حال الدم، وأنّه ينقطع على العشرة أو يستمرّ إلى ما بعد العشرة، وإلّا عملت حسب علمها كما مرّ آنفاً.

ثُمَّ إنّ ما ذكر من الاستظهار لـذي العادة يختــصّ بالحائــض التي تمادی بهــا الــدم - كما هو محلّ الكلام - ولا يشمل من استحاضت قبل أیّام عادتها واستمرّ بها الدم حتّی تجاوز العادة، فإنّه لا یشرع لها الاستظهار، بل أنّ عليها أن تعمل عمل المستحاضة بعد انقضاء أيّام العادة.

                              الفصل السابع

حكم تجاوز الدم عن العشرة وبعض المسائل المتعلّقة بالعادة

مسألة 221: قد عرفت حكم الدم المستمرّ إذا انقطع على العشرة في ذات العادة وغيرها، وأمّا إذا تجاوز العشرة قليلاً كان أو كثيراً وكانت المرأة ذات عادة وقتيّة وعدديّة جعلت ما في العادة حيضاً وإن كان فاقداً للصفات، والزائد عليها استحاضة وإن كان واجداً لها، سواء أمكن جعل الواجد أيضاً حيضاً - منضمّاً أو مستقلّاً - أم لم يمكن، هذا إذا لم ‏يتخلّل نقاء في البين - كما هو مفروض الكلام - وإلّا فربّما يحكم بحيضيّة الواجد منضمّاً كما إذا كانت عادتها ثلاثة مثلاً ثُمَّ انقطع الدم، ثُمَّ عاد بصفات الحيض ثُمَّ رأت الدم الأصفر فتجاوز العشرة فإنّ الظاهر في مثله جعل الدم الواجد للصفات مع ما في العادة حيضاً، وأمّا النقاء المتخلّل بين الدمين فالأحوط لزوماً أن تجمع فيه بين أحكام الطاهرة والحائض.


مسألة 222: المبتدئة وهي: المرأة التي ترى الدم لأوّل مرّة، والمضطربة وهي: التي تكرّرت رؤيتها للدّم ولم‏ تستقرّ لها عادة، إذا رأت الدم وقد تجاوز العشرة فله حالتان:


 الأُولى: أن يكون واجداً للتمييز بأن يكون الدم المستمرّ بعضه بصفة الحيض وبعضه بصفة الاستحاضة.


والثانية: أن يكون فاقداً له بأن يكون ذا لون واحد وإن اختلفت مراتبه كما إذا كان الكلّ بصفة دم الحيض ولكن بعضه أسود وبعضه أحمر أو كان الجميع بصفة دم الاستحاضة، ـــ أي أصفر ـــ مع اختلاف درجات الصفرة.


ففي الحالة الأُولى: تجعل الدم الفاقد لصفة الحيض استحاضة كما تجعل الدم الواجد لها حيضاً مطلقاً إذا لم‏ يلزم من ذلك محذور عدم فصل أقلّ الطهر - أي عشرة أيّام - بين حيضتين مستقلّتين وإلّا جعلت الثاني استحاضة أيضاً، هذا إذا لم يكن الواجد أقلّ من ثلاثة أيّام ولا أكثر من العشرة، وأمّا مع كونه أقلّ أو أكثر فلا بُدَّ في تعيين عدد أيّام الحيض من الرجوع إلى أحد الطريقين الآتيين في الحالة الثانية بتكميل العدد إذا كان أقلّ من ثلاثة بضمّ بعض أيّام الدم الفاقد لصفة الحيض، وتنقيصه إذا كان أكثر من العشرة بحذف بعض أيّام الدم الواجد لصفة الحيض، ولا يحكم بحيضيّة الزائد على العدد.

وأمّا في الحالة الثانية: فالمبتدئة تقتدي ببعض نسائها في العدد، ويعتبر فيمن تقتدي بها أمران:

الأوّل: عدم العلم بمخالفتها معها في مقدار الحيض، فلا تقتدي المبتدئة بمن كانت قريبة من سنّ اليأس مثلاً.

الثاني: عدم العلم بمخالفة عادة من تريد الاقتداء بها مع عادة من يماثلها من سائر نسائها.

وإذا لم ‏يمكن الاقتداء ببعض نسائها كانت مخيّرة في كلّ شهر في التحيّض فيما بين الثلاثة إلى العشرة، ولكن ليس لها أن تختار عدداً تطمئنّ بأنّه لا يناسبها، والأحوط استحباباً اختيار السبع إذا لم ‏يكن غير مناسب لها.

وأمّا المضطربة فالأحوط وجوباً أن ترجع إلى بعض نسائها فإن لم ‏يمكن رجعت إلى العدد على النحو المتقدّم، هذا إذا لم‏ تكن ذات عادة أصلاً، وأمّا إذا كانت ذات عادة ناقصة بأن كان لأيّام دمها عدد (فوق الثلاثة) لا ينقص عنه كأن لم‏ تكن ترى الدم أقلّ من خمسة أيّام، أو كان لها عدد (دون العشرة) لا تزيد عليه كأن لم‏ تكن ترى الدم أكثر من ثمانية أيّام، أو كان لها عدد من كلا الجانبين (قلّة وكثرة) كأن لم‏ تكن ترى الدم أقلّ من خمسة ولا أكثر من ثمانية فليس لها أن تأخذ بأحد الضوابط الثلاثة في مورد منافاتها مع تلك العادة الناقصة.

مسألة 223: إذا كانت ذات عادة عدديّة فقط ونسيت عادتها ثُمَّ رأت الدم ثلاثة أيّام أو أكثر ولم‏ يتجاوز العشرة كان جميعه حيضاً، وأمّا إذا تجاوزها فحكمها في ذلك كلّه حكم المبتدئة المتقدّم في المسألة السابقة، ولكنّها تمتاز عنها في موردين:

1. ما إذا كان العدد الذي يقتضيه أحد الضوابط الثلاثة المتقدّمة أقلّ من المقدار المتيقّن من عادتها، كما إذا كان العدد المفروض سبعة وهي تعلم أنّ عادتها المنسيّة إمّا كانت ثمانية أو تسعة، ففي مثل ذلك لا بُدَّ أن تجعل القدر المتيقّن من عادتها حيضاً وهو الثمانية في المثال.

2. ما إذا كان العدد المفروض أكبر من عادتها كما إذا كان ثمانية وهي تعلم بأنّ عادتها كانت خمسة أو ستّة، ففي مثل ذلك لا بُدَّ أن تجعل أكبر عدد تحتمل أنّه كان عادة لها حيضاً وهو الستّة في المثال.

وأمّا في غير هذين الموردين فلا عبرة بالعدد المنسيّ، ولكنّها إذا احتملت العادة فيما زاد على العدد المفروض فالأحوط الأولى أن تعمل فيه بالاحتياط بالجمع بين تروك الحائض وأعمال المستحاضة.

مسألة 224: إذا كانت ذات عادة وقتيّة فقط فنسيتها وتجاوز الدم عن العشرة، فحكمها ما تقدّم في المبتدئة من لزوم الرجوع إلى التمييز أو الرجوع إلى بعض نسائها أو اختيار العدد على التفصيل المتقدّم، ولا خصوصيّة للمقام إلّا في موردين:

الأوّل: ما إذا علمت بأنّ زماناً خاصّاً - أقلّ من الثلاثة - ترى فيه الدم فعلاً جزء من عادتها الوقتيّة ولكنّها نسيت مبدأ الوقت ومنتهاه، فحكمها حينئذٍ لزوم التمييز بالدم الواجد للصفات المشتمل على ذلك الزمان، وأمّا مع عدم الاشتمال عليه فتعتبر فاقدة للتمييز فتختار العدد المشتمل عليه على التفصيل المتقدّم.

الثاني: ما إذا لم‏ تعلم بذلك، ولكنّها علمت بانحصار زمان الوقت في بعض الشهر كالنصف الأوّل منه وحينئذٍ فلا أثر للدم الواجد للصفة إذا كان خارجاً عنه، كما أنّه ليس لها اختيار العدد في غيره، هذا والأحوط الأولى لها أن تحتاط في جميع أيّام الدم مع العلم بالمصادفة مع وقتها إجمالاً.

مسألة 225: إذا كانت ذات عادة عدديّة ووقتيّة فنسيتها ففيها صور :

الأُولى: أن تكون ناسية للوقت مع حفظ العدد والحكم فيها هو الرجوع في العدد إلى عادتها وفي الوقت إلى التمييز على التفصيل المتقدّم في المسألة السابقة، ومع عدم إمكان الرجوع إليه تجعل العدد في أوّل رؤية الدم إذا أمكن جعله حيضاً، وإلّا فتجعله بعده كما إذا رأت الدم المتجاوز عن العشرة بعد الحيض السابق من دون فصل عشرة أيّام بينهما.

الثانية: أن تكون حافظة للوقت وناسية للعدد، ففي هذه الصورة مع تذكّرها مبدأ الوقت تجعل ما تراه من الدم في وقتها المعتاد - بصفة الحيض أو بدونها - حيضاً، فإن لم‏ يتجاوز العشرة فجميعه حيض، وإن تجاوزها فعليها أن ترجع في تعيين العدد إلى التمييز إن أمكن، وإلّا فإلى بعض أقاربها، وإن لم يمكن الرجوع إلى الأقارب أيضاً فعليها أن تختار عدداً مخيّرة بين الثلاثة إلى العشرة، نعم لا عبرة بشيء من الضوابط الثلاثة في موردين تقدّم بيانهما في المسألة (223).

الثالثة: أن تكون ناسية للوقت والعدد معاً، والحكم في هذه الصورة وإن كان يظهر ممّا سبق إلّا أنّا نذكر فروعاً للتوضيح:

الأوّل: إذا رأت الدم بصفة الحيض أيّاماً لا تقلّ عن ثلاثة ولا تزيد على عشرة كان جميعه حيضاً، وأمّا إذا كان أزيد من عشرة ولم‏ تعلم بمصادفته لأيّام عادتها تحيّضت به وترجع في تعيين عدده إلى بعض أقاربها، وإلّا فتختار عدداً بين الثلاثة والعشرة على التفصيل المشار إليه في الصورة الثانية.

الثاني: إذا رأت الدم بصفة الحيض أيّاماً لا تقلّ عن ثلاثة ولا تزيد على عشرة، وأيّاماً بصفة الاستحاضة ولم‏ تعلم بمصادفة ما رأته من الدم مع أيّام عادتها جعلت ما بصفة الحيض حيضاً وما بصفة الاستحاضة استحاضة إلّا في موردين تقدّم بيانهما في المسألة (223).

الثالث: إذا رأت الدم وتجاوز عشرة أيّام وعلمت بمصادفته لأيّام عادتها فوظيفتها الرجوع إلى التمييز إن أمكن وإلّا فإلى بعض نسائها، فإن لم ‏يمكن الرجوع إليهن أيضاً فعليها أن تختار عدداً بين الثلاثة والعشرة، ولا أثر للعلم بالمصادفة مع الوقت إلّا في موردين تقدّم التعرّض لهما في المسألة (224) وإنّما ترجع إلى العدد الذي يقتضيه أحد الضوابط الثلاثة المتقدّمة فيما إذا لم يكن أقلّ من القدر المتيقّن من عددها المنسيّ ولا أزيد من أكبر عدد تحتمل أن تكون عليه عادتها، وأمّا في هذين الموردين فحكمها ما تقدّم في المسألة (223).


مسألة 226: لا تثبت العادة الشرعيّة المركّبة، فإذا رأت المرأة الدم في الشهر الأوّل ثلاثة وفي الشهر الثاني أربعة وفي الشهر الثالث ثلاثة وفي الشهر الرابع أربعة لا تكون بذلك ذات عادة في شهر الفرد ثلاثة وفي شهر الزوج أربعة بل حكمها حكم المضطربة المتقدّم في المسألة (222)، نعم لو تكرّرت رؤية الدم بالكيفيّة المذكورة أو ما يشبهها مراراً كثيرة بحيث صدق عرفاً أنّها عادتها وأيّامها لزم الأخذ بها.

                            الفصل الثامن

                                أحكام الحيض

مسألة 227: لا يصحّ من الحائض شيء ممّا يشترط فيه الطهارة من العبادات كالصلاة والصيام والاعتكاف والطواف الواجب بل والمندوب أيضاً على الأحوط وجوباً، ويحرم عليها جميع ما يحرم على الجنب ممّا تقدّم، ومنه المكث في المساجد الملازم للأخيرين.

مسألة 228: يحرم وطؤها في القُبُل - عليها وعلى الفاعل - بل قيل إنّه من الكبائر، بل الأحوط وجوباً ترك إدخال بعض الحشفة أيضاً، أمّا وطؤها في الدُّبُر فيكره كراهة شديدة مع رضاها، وأمّا مع عدمه فالأحوط لزوماً تركه.

ولا بأس بالاستمتاع بها بغير ذلك وإن كره بما تحت المئزر ممّا بين السرّة والركبة، وإذا نقيت من الدم جاز وطؤها وإن لم ‏تغتسل، ولكن الأحوط وجوباً أن تغسل فرجها قبل الوطء.

مسألة 229: الأحوط استحباباً للزوج - دون الزوجة - الكفّارة عن الوطء في أوّل الحيض بدينار، وفي وسطه بنصف دينار وفي آخره بربع دينار .

والدينار هو (18) حُمّصة من الذهب المسكوك، والأحوط استحباباً أيضاً دفع الدينار نفسه مع الإمكان، وإلّا دفع القيمة وقت الدفع، ولا شيء علی الساهي والناسي والجاهل بالموضوع أو الحكم.

مسألة 230: لا يصحّ طلاق الحائض وظهارها إذا كانت مدخولاً بها - ولو دُبُراً - وكان زوجها حاضراً أو في حكمه - على ما سيأتي تفصيله في كتاب الطلاق - إلّا أن تكون مستبينة الحمل فلا بأس به حينئذٍ، وإذا طلّقها على أنّها حائض فبانت طاهرة صحّ، وإن عكس فسد.

مسألة 231: يجب الغُسل من حدث الحيض لكلّ مشروط بالطهارة من الحدث الأكبر، ويستحبّ للكون على الطهارة، وهو كغسل الجنابة في الكيفيّة من الارتماس والترتيب، ويجزئ عن الوضوء كغسل الجنابة، وإن كان الأحوط استحباباً بل الأفضل الوضوء قبله.

مسألة 232: يجب على الحائض قضاء ما فاتها من الصوم في شهر رمضان، بل والمنذور في وقت معيّن على الأحوط لزوماً، ولا يجب عليها قضاء الصلاة اليوميّة وصلاة الآيات والمنذورة في وقت معيّن.

مسألة 233: تصحّ طهارة الحائض من الحدث الأكبر غير الحيض، فإذا كانت جنباً واغتسلت عن الجنابة صحّ، وكذلك يصحّ منها الوضوء والأغسال المندوبة، نعم لا يصحّ منها غسل الجمعة قبل النقاء على الأحوط لزوماً كما سيأتي.

مسألة 234: يستحبّ لها التحشّي والوضوء في وقت كلّ صلاة واجبة، والجلوس في مكان طاهر مستقبلة القبلة ذاكرة لله تعالى، والأولى لها اختيار التسبيحات الأربع.

مسألة 235: يكره لها الخضاب بالحنّاء أو غيرها، وحمل المصحف، ولمس هامشه وما بين سطوره، وتعليقه.



السيد علي السيستاني منهاج الصالحين مستحبات غسل الجنابة وجملة من احكام الأغسال

             الفصل الخامس

         مستحبّات غسل الجنابة وجملة من أحکام الأغسال


قد ذكر العلماء (رضوان الله تعالی عليهم): أنّه يستحبّ غَسل اليدين أمام الغُسل من المرفقين ثلاثاً، ثُمَّ المضمضة ثلاثاً، ثُمَّ الاستنشاق ثلاثاً، وإمرار اليد على ما تناله من الجسد خصوصاً في الترتيبيّ، بل ينبغي التأكّد في ذلك وفي تخليل ما يحتاج إلى التخليل، ونزع الخاتم ونحوه، والاستبراء بالبول قبل الغُسل.


مسألة 198: الاستبراء بالبول ليس شرطاً في صحّة الغُسل، لكن إذا تركه واغتسل ثُمَّ خرج منه بلل مشتبه بالمنيّ جرى عليه حكم المنيّ ظاهراً، فيجب الغُسل له كالمنيّ، سواء استبرأ بالخرطات لتعذّر البول أم لا، إلّا إذا علم - بذلك أو بغيره - عدم بقاء شيء من المنيّ في المجرى.


مسألة 199: إذا بال بعد الغُسل ولم‏ يكن قد بال قبله، لم ‏تجب إعادة الغسل وإن احتمل خروج شيء من المنيّ مع البول. 


مسألة 200: إذا دار أمر المشتبه بين البول والمنيّ بعد الاستبراء بالبول والخرطات كفى الإتيان بالوضوء وإن كان قد اغتسل ولم ­يصدر منه الحدث الأصغر بعد الغُسل وقبل خروج البلل المشتبه.


مسألة 201: يجزیٔ غسل الجنابة عن الوضوء لكلّ ما اشترط به، وكذلك غيره من الأغسال التي ثبتت مشروعيّتها.


مسألة 202: إذا خرجت رطوبة مشتبهة بعد الغُسل وشكّ في أنّه استبرأ بالبول أم لا، بنى على عدمه، فيجب عليه الغسل.


مسألة 203: لا فرق في جريان حكم الرطوبة المشتبهة بين أن يكون الاشتباه بعد الفحص والاختبار وبين أن يكون قبله ولو لعدم إمكان الاختبار من جهة العمى أو الظلمة أو نحو ذلك.


مسألة 204: لو أحدث بالأصغر في أثناء الغُسل من الجنابة فله أن يتمّه، والأحوط وجوباً ضمّ الوضوء إليه حينئذٍ، وله العدول الاستئنافيّ من الترتيبيّ إلى الارتماسيّ وبالعكس، ولا حاجة حينئذٍ إلى ضمّ الوضوء.


مسألة 205: إذا أحدث أثناء سائر الأغسال بالحدث الأصغر جرى عليه ما تقدّم في غُسل الجنابة، إلّا في الاستحاضة المتوسّطة فإنّه يجب فيها الوضوء على كلّ حال.


مسألة 206: إذا أحدث بالأكبر في أثناء الغُسل، فإن كان مماثلاً للحدث السابق - كالجنابة في أثناء غُسلها أو مسّ الميّت في أثناء غسله - فلا إشكال في وجوب الاستئناف، وإن كان مخالفاً له لم ‏يبطل غسله فيتمّه ويأتي بالآخر، ويجوز الاستئناف بغُسلٍ واحدٍ لهما، ولا يجب الوضوء بعده في غير الاستحاضة المتوسّطة.


مسألة 207: إذا شكّ في غَسل الرأس والرقبة قبل الدخول في غَسل البدن رجع وأتى به، وكذا إذا كان بعد الدخول فيه على الأحوط لزوماً، ولو شكّ في غَسل الطرف الأيمن فاللازم الاعتناء به حتّى مع الدخول في غَسل الطرف الأيسر، نعم إذا شكّ معتاد الموالاة بعد فواتها في غسل بعض الأجزاء مع إحراز غسل معظمها لم ­یعتنِ بشکّه.


مسألة 208: إذا غَسل أحد الأعضاء ثُمَّ شكّ في صحّته وفساده لم ‏يعتنِ بالشكّ، سواء أكان الشكّ بعد دخوله في غَسل العضو الآخر أم كان قبله.


مسألة 209: إذا شكّ في الإتيان بغُسل الجنابة بنى على عدمه، وإذا شكّ فيه بعد الفراغ من الصلاة لم‏ تجب إعادتها، إلّا إذا كانت موقّتة وحدث الشكّ في الوقت وصدر منه الحدث الأصغر بعد الصلاة فإنّ الأحوط لزوماً إعادتها حينئذٍ، ويجب عليه الغسل لكلّ عمل تتوقّف صحّته أو جوازه على الطهارة من الحدث الأكبر من غير فرق بين الصلاة وغيرها حتّى مثل مسّ كتابة القرآن.


وهذا الغُسل يمكن أن يقع على نحوين:


 الأوّل: أن يقطع بكونه مأموراً به - وجوباً أو استحباباً - كأن يقصد به غُسل يوم الجمعة أو غُسل الجنابة المتجدّدة بعد الصلاة وحينئذٍ فله الاكتفاء به في الإتيان بأيّ عمل مشروط بالطهارة سواء سبقه الحدث الأصغر أم لا.


 الثاني: أن لا يكون كذلك بأن أتى به لمجرّد احتمال بقاء الجنابة التي يشكّ في الاغتسال منها قبل الصلاة، وحينئذٍ يكتفى به في الإتيان بما هو مشروط بالطهارة عن الحدث الأكبر فقط كجواز المكث في المساجد، وأمّا ما هو مشروط بالطهارة حتّى عن الحدث الأصغر فلا يكتفى فيه بالغُسل بل يجب ضمّ الوضوء إليه إن سبقه صدور الحدث منه دون ما لم ‏يسبقه.


مسألة 210: إذا اجتمع عليه أغسال متعدّدة واجبة أو مستحبّة، أو بعضها واجب وبعضها مستحبّ، أجزأ غُسل واحد بقصد الجميع، وكذا لو قصد الجنابة فقط، ولو قصد غير الجنابة أجزأ عمّا قصده بل وعن غيره أيضاً.


نعم في إجزاء أيِّ غُسل عن غُسل الجمعة من دون قصده ولو إجمالاً إشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط في ذلك - ومثله الأغسال الفعليّة سواء أكانت للدخول في مكان خاصّ كالحرم المكّيّ أو للإتيان بفعل خاصّ كالإحرام -، ولو قصد الغسل قربة من دون نيّة الجميع تفصيلاً ولا واحد بعينه صحّ، إذ يرجع ذلك إلى نيّة الجميع إجمالاً.


ثُمَّ إنّ ما ذكر من إجزاء غُسل واحد عن أغسال متعدّدة يجري في جميع الأغسال الواجبة والمستحبّة - مكانيّة أو زمانيّة أو لغاية أُخرى - ولكن جريانه في الأغسال المأمور بها بسبب ارتكاب بعض الأفعال - كمسّ الميّت بعد غسله حيث يستحبّ له الغسل - مع تعدّد السبب نوعاً لا يخلو عن إشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط في ذلك.


مسألة 211: إذا كان يعلم - إجمالاً - أنّ عليه أغسالاً لكنّه لا يعلم بعضها بعينه يكفيه أن يقصد جميع ما عليه، وإذا قصد البعض المعيّن كفى عن غيره على التفصيل المتقدّم، وإذا علم أنّ في جملتها غسل الجنابة وقَصَدَه في جملتها أو بعينه لم‏ يحتج إلى الوضوء، بل لا حاجة إليه مطلقاً في غير الاستحاضة المتوسّطة.

الامام الحسين

دعاء العافية / لبنان / بيروت / الضاحية الجنوبية / البقاع / الدعاء القرض الحسن

 دعاء العافية  تيك توك الدعاء للعافية https://vt.tiktok.com/ZSjJwsQ3T/